ربما لا يعرف الكثيرون مدى التأثير الواسع والشعبية المتنامية التي تتمتع بها تويوتا بريوس في كل مكان حول العالم ، والسبب في ذلك يعود لأثر هذه السيارة الإيجابي على البيئة. فخلال تسعينيات القرن الماضي، بدأت سوق السيارات بتقبل فكرة الحاجة إلى مركبات من شأنها أن تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية والحد من آثارها السلبية على البيئة. وبات الموقف مواتياً للتغيير واتباع نهج جديد لتطوير مركبات صديقة للبيئة على نطاق واسع. فقد أحدثت الثورة الصناعية تغييراً جذرياً في علاقة الإنسان مع البيئة وسارت بها إلى الأسوأ، حيث بات نمط حياتنا يعتمد على الوقود العضوي كالنفط والفحم والغاز الطبيعي. وأدى هذا الأمر إلى ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون وحده بحوالي 40٪ منذ بداية تلك الحقبة.ونتج عن انبعاث كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى مثل الميثان، تغيراً كبيراً في المناخ، ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في العالم بنحو 4.8 درجة مئوية أو أكثر بحلول نهاية القرن الحالي.
ويُعد الاحتباس الحراري سبباً رئيسياً للتغيرات المناخية المتفاقمة في مختلف أنحاء العالم،ويعتقدالباحثونأنمثل هذهالظاهرةسوفتؤديإلىارتفاعٍهائلٍفيدرجاتالحرارة،وموجاتحر شديدة،وزيادةفي معدلاتهطولالأمطارالغزيرة.وقد شهدنا في السنوات الأخيرة العديد من الظواهر المؤسفة، مثل العواصف الرملية والترابية القوية في شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا، وهي دلائل تشير إلى المزيد من المشاكل التي تلوح في الأفق، إذ أن الغبار في حد ذاته كفيل بأن يسهم في تغير المناخ العالمي.ويُشكل التصحر تهديداً خطيراً آخر، حيث لا تقتصر آثاره على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فحسب، وإنما في جميع أنحاء العالم. ففي البرازيل على سبيل المثال، وفي ظل التزايد المطرد في أنشطة إزالة الغابات، قد تتحول أجزاء كبيرة من غابات الأمازون المطيرة قريباً إلى صحراء قاحلة.كما أن ارتفاع مستوى البحر الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري أصبح يشكل مشكلة خطيرة، إذ يتسبب انصهار القمم الجليدية القطبية في ذوبان السهول الجليدية المتجمدة وارتفاع منسوب المحيطات، وذلك نتيجة لتمددها الحراري، الأمر الذي ينعكس سلباً على الدببة القطبية التي باتت الآن على شفير الانقراض. وتتأثر بعض الدول التي تقع على جزر صغيرة في جنوب المحيط الهادئ بشكلٍ بالغٍ من ارتفاع منسوب مياه البحار، والذي تسبب في غرق المناطق الساحلية بينما تتغير ملامح الخطوط الساحلية. وباتت مدينة البندقية معرضة لخطر غمرها بمياه البحر بحلول نهاية القرن الحالي.
ووفقًا للمعطيات السابقة لنا أن نتساءل ، هل المركبات هي المشكلة أم جزء من الحل؟مما لا شك فيه أن المركبات هي واحدة من المشاكل التي ساهمت في إحداث هذا الخلل البيئي العالمي لما تنتجه من انبعاثات كربونية، غير أنها يمكن أن تكون أيضاً جزءاً من الحل. ففي ظل المشاكل البيئية الجسيمة التي نواجهها حالياً مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، أصبح من الضروري ابتكار نوع جديد من المركبات. وباعتبارها واحدة من رواد التكنولوجيا البيئية، فقد تنبهت تويوتا سريعاً إلى خطورة التحديات البيئية التي تواجه العالم، وقررت مواجهة هذا التحدي. بدأ مشروع “بريوس” في أوائل تسعينيات القرن الماضي. وقامت تويوتاعام 1993 بإنشاء مشروع جي 21، وهو مشروع أبحاث يتعلق بجيل القرن الـحادي والعشرين من المركبات. وفي يناير من عام 1994، تم تعيين تاكيشي أوشيامادا ليترأس هذا المشروع، والذي أصبح فيما بعد كبير مهندسي مركبة تويوتا بريوس. وكانت خطوته الأولى تشكيل فريق يتألف من 10 مهندسين متخصصين في مجالات مختلفة، مثل المحرك، والهيكل، والتصميم الخارجي، وتقنية الإنتاج. وقد كانت الأعمال والأنشطة التي كان يقوم بها فريق عمل مشروع جي 21مجهولة بالنسبة للكثيرين من الأشخاص، ويتم إجراؤها في الطابق الخاص بالمسؤولين التنفيذيين بشكل منفصل تماماً عن بقية أعمال الشركة، مما أثار شائعات في جميع أنحاء الشركة حول فريق غامض يعمل على مشروع سري.
كان الهدف حينها هو رفع كفاءة استهلاك السيارات للوقود إلى أعلىمستوى ممكن. وفي وقت لاحق من العام 1994، أصبح أكيهيرو وادا نائباً للرئيس التنفيذي للبحوث والتطوير ورئيساً تنفيذياً لمشروع جي 21. وكان أوشيامادا يهدف في الأساس إلى زيادة كفاءة استهلاك الوقود بمعدل مرة ونصف المرة، وذلك باستخدام نظام الحقن المباشر للوقود وناقل حركة جديد. غير أن السيد وادا أدرك أنه على الرغم من أن هذا الهدف قد يبدو طموحاً في ذلك الوقت، إلا أنه لم يكن كافياً، وأن المطلوب هو رفع كفاءة استهلاك الوقود إلى الضعف، وأصر على إبطال هذا المشروع فوراً إذا تعذّر تحقيق ذلك، الأمر الذي أشار إلى ضرورة ابتكار نوع جديد بالكامل من التكنولوجيا بالنسبة لأوشيامادا وفريقه، وهو نظام طاقة الهايبرد أو الهجين.ولدى ظهورها الأول في خريف عام 1995، كانت المركبة التجريبية تعمل بما يُعرف باسم “نظام تويوتا لإدارة الطاقة”، وهو نظام ثنائي المحركات يعتمد على محرك كهربائي مساعد لمحرك البترول. وبالطبع لم تكن هذه التكنولوجيا تعرف في ذلك الوقت باسم “هايبرد”. وبالبحث عن اسم لهذه المركبة، قررت تويوتا تسميتها “بريوس”، وهو مصطلح باللغة اللاتينية يعني “قبل” أو “الذي يأتي أولاً”، وقد كان ذلك خيار موفق لأن هذا الأمر كان يسبق الحراك البيئي الشائع. فقد كانت التكنولوجيا حاضرة والمفاهيم التصميمية والهندسية جاهزة. وكانت الخطوة التالية هي التصنيع والتسويق. وقام فريق العمل بتحديد تاريخ لإنجاز المهمة بعد عامين فقط في العام 1997، حيث كانت الحكاية على وشك أن تبدأ. وقد قدمتتويوتافيعام 1997 مركبة “بريوس”،وكانتأولمركبةهايبرد تمإنتاجهاعلىنطاقواسعفيالعالم،والتيتقدمأداءًمميزاًمنحيثالتوفيرفياستهلاكالوقودأفضلبكثيرمنأيمركبةأخرىمزودةبمحركيعملعلىالبترول،مماكانبمثابةمفاجأةللعالم. ومنذذلكالحين،بدأاسموفكرةمركبة “بريوس” بالانتشاروالتداولحولالعالم،حيثوصلعددمركباتتويوتا “بريوس” الجديدةالمستخدمةعلىالطرقاتإلىالمليونفيالعام 2008. وبحلولالعام 2013،بلغهذهالرقمثلاثةملايينمركبة،الأمرالذييشيرإلىأنالتكنولوجياالبيئيةالجديدةقدأصبحتمنتشرةبشكلكبير،ولمتعدمجردشيءيهتمبهعددقليلمنالمختصينبالبيئة،وإنماالخيارالأفضلللغالبيةمنالناس.وقدبدأتشعبيةمركبات “الهايبرِد” تتزايدبشكلٍملحوظ. فبحلوليوليومنعام 2015،كانتمبيعاتتويوتامنمركبات “الهايبرِد” قدتجاوزتثمانيةملايينوحدةفيالعالم،الأمرالذييعنيخفضحوالي 58 مليونطنمنانبعاثاتالكربونفيالغلافالجوي .ونتيجةلانتشارهذهالتكنولوجياالمبتكرة،أصبحهناكنمطحياةجديدينموبوتيرةتصاعديةعلىالصعيدالعالمي،فسواءًكانذلكفيأمريكاالشماليةأوأوروباأوآسيا،يُقْدِمالمزيدمنالناسعلىشراءمركبةتويوتاالهجين.