ظلت محركات الاحتراق الداخلي القوة الدافعة المهيمنة على السيارات على مدى ما يزيد عن قرن ، الأمر الذي جعلنا نعتمد على السيارات التقليدية باعتبارها الوسيلة المفضلة للمواصلات. وبات بإمكاننا استخدام سياراتنا كوسيلة نقل تأخذنا إلى أي مكان نرغب فيه وفي أي وقت. وإذا أردنا الذهاب إلى أحد المتاجرالمحلية في يوم حار جداً، فإننا نفضل أن ننعم بالراحة في سيارة مكيفة عوضاًعن المشي لمسافة طويلة نتصبب فيها عرقاً، غير أن المحركات التي تعمل على البترول تحرق الوقود العضوي وتطلق الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الجو، وبخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون،الأمر الذي أسهم في تأجيج هذه الظاهرة التي تعد مشكلة خطيرة.ولكن ماذا لو كان بإمكانك خفض استهلاك الوقود في سيارتكإلى النصف؟ فإنك بذلك لن تسهم في إنقاذ البيئة فحسب، ولكن سيكون عليك تعبئة خزانالوقود عدداً أقل من المرات أيضاً، موفراً بذلك الوقت والمال. وبالتالي، فإنك ستحصل على قيمةأكبر مقابل القليل من المال. وهنا تكمن أهمية سيلرة تويوتا بريوس التي تحسن كفاءة استهلاك الوقود إلى الضعف.
ولكن الإنجاز الذي طال انتظاره تحقق أخيراً في عام 1997، وذلك مع وصول سيارةتويوتا بريوس ونظام “هايبرِد” الجديد الذي تم تزويدها به. فقد تم التوصل إلى حل فريد من نوعه، وأصبحت تويوتابريوس أول سيارة “هجين” يتم إنتاجها على نطاق واسع في العالم، والتي تتميز بقدرة غير مسبوقة في الحد من استهلاك الوقود إلى النصف في جميع أنحاء العالم.في بداية عام 1995، كان فريق مشروع “G21” يعمل على تطويرجيل جديد من مركبات الصالون. وعلى الرغم من أنالتوجيهات كانت تقتضي برفع كفاءة استهلاك الوقود إلى الضعف، فقد كانوا يدركون أن عملية تحسين محرك البترول في حد ذاتها قد تصل في أحسن الأحوال إلى معدل مرة ونصف المرة. وكانت الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها تحقيق هذا الهدف الطموح للغاية هي تبني نظام الهايبرد ، والذي لم يكن قد تم تطويره فعلياً في تلك المرحلة بعد.وفي نفس الوقت تقريباً، كان يجري تنفيذ مشروع آخر بالتوازي مع مشروع “G21″، فيما تم تشكيل فريق صغير يضم نخبة من الأعضاء المتميزين لدراسة إمكانية تطبيق تكنولوجيا الهايبرِد. وعمل الفريق على ابتكار نظام “هايبرِد” فريد من نوعه، إذ أظهرت تجارب المحاكاة أن هذا النظام يمكن أن يكون قادراً فعلياً على رفع كفاءة استهلاك الوقود إلى الضعف.
وفي ذلك الوقت، لم يتجاوز الموضوع كونه مجرد فكرة، كما لم يتم حينه إنتاج نموذج أولي بعد. ونظراً إلى أن نظام الهايبرِد كان قادراً على تحقيق أهدافهم بشكلواضح، فقد قرر فريق المشروع “G21″على الرغممنذلك،تكثيف كافة قدراتهم وإمكاناتهملاعتماد هذا النهج الجديد.خلافاً للسيارات التقليدية التي تعتمد على مصدر واحد للطاقة فقط، فإن نظام الهايبرِد يتألف من أكثر من مصدر للطاقة، مثل محرك البترول والمحركات الكهربائية. وفي نظام الدفع “الهايبرِد على التوالي”، يقوم محرك البترولبتوفير القوة الدافعة للمولد، والذي يقوم بدوره بتوفير الطاقة للمحرك الكهربائي المسؤول عن توليد القوة الدافعة للعجلات. أما نظام الدفع “الهايبرِد على التوازي”، وكما يوحي اسمه، فيستمد طاقته الدافعة من محرك كهربائي ومحرك يعمل على البترول في وقت واحد. ومع ذلك، لا يمكن لهذين النظامين توليد الطاقة الكهربائية عندما يقوم المحرك الكهربائي بتأمين القوة الدافعة للعجلات، والعكس صحيح. ولكل من النظامين مزاياه وعيوبه، ولذلك فقد قرر فريق تطوير سيارةتويوتا بريوس دمجأفضل سمات كلا النظامين في نظام “هايبرِد” واحد تحت مسمى “التوالي والتوازي”.
وعند القيادة داخل المدينة، فإنك ستعتمد في أغلب الأحيان على المحرك الكهربائي. بينما على الطرق السريعة، فإن الاعتماد يكون في معظم الأحيان على محرك البترول. وعند التسارع، يكون بمقدورك استخدام كليهما معاً، الأمر الذي يسمح لك بخفض استهلاك الوقودإلى النصف دون التأثير سلباً على الأداء في أية حالة من الحالات.ولذلك، فإن “نظام تويوتا هايبرِد” يمثل بكل بساطة الحل الأمثل لمجموعة واسعة من الاحتياجات.هذا وقد تم تزويد الجيل الأول من بريوسذات “نظام تويوتا هايبرِد”بمحرك بترول وجهاز لتوزيع الطاقة ومحرك كهربائي بالإضافة إلى مولد كهربائي وبطارية. ويأتي الجيل الرابع الحالي من سيارة بريوسمزوداًبنسخة مطورة من هذا النظام.لا يرتبط معدل استهلاك الوقود بمستوى السرعة التي تسير بها السيارة فقط. فعلى سبيل المثال، عند الانطلاقالسيارة، فإنك تستخدم المزيد من البترولللانتقال من السكون إلى الحركة أو التسارع. ولذلك، فإن القيادة وسط زحام المدينة، مع التوقف والانطلاق بشكل متكرر في ظل إشارات المرور وعلامات التوقف الكثيرة، قد تؤدي إلى استهلاك الكثير من الوقود. أما مع سيارة تويوتا بريوس، فإنك في أغلب الأحيان تقوم باستخدام المحرك الكهربائي داخل المدينة، وتتمعملية القيادة على نحو سلس وسهل. ولكنك تحصل على أقصى عزم دوران عندما تحتاج إليه، لأنه لا يتوقف فقط على عدد دورات المحرك في الدقيقة.وهذا هو سبب الانطلاقالسلس للمصاعد والقطارات الكهربائية.
وبما أنه يمكنك الاستفادة من مصدري الطاقة في نفس الوقت، فبإمكانك الحصول على تسارع ممتاز. وعند القيادة بسرعات منخفضة، فإن العجلات تستمد طاقتها الدافعة من المحرك الكهربائي. أما عندما تتسارع بريوس، فإن كلا المحركين الكهربائي والذي يعمل على الوقود يتشاركان في تأمين القوة الدافعة للسيارة. إضافة إلى ذلك،تتميز السيارة بـ “نظام الكبح الاسترجاعي”،وهو عندما يقوم المحرك الكهربائي بالمساعدة في عملية الكبح، مساهماً بذلك في الحفاظ على المكابح العادية من التآكل والتلف.ويُستخدم هذا النظام لامتصاص الطاقة عند خفض السرعة، وأيضاً لتشغيل المولد المستخدم في عملية إعادة شحن البطارية.يستغرق الأمر عادة لتطوير سيارة جديدةما لا يقل عن 3 إلى 4 سنوات، في حال توفركافة العناصر التقنية اللازمة. غير أنه تم تطوير أولسيارة “هايبرِد” من تويوتا خلال عامين فقط، الأمر الذي يُعد إنجازاً خارقاً للعادة. وبالعودة بالزمن إلى الوراء، يقول أحد المشاركين في عملية التطوير: “لقد كانت فترة التطوير قصيرة للغاية. وبشكلٍ عام، كان مشروع تطوير سيارة تويوتا بريوس شبه مستحيل، إذاتجه في مسار لم يسبق له مثيل من قبل. وأثناء العمل على تطوير السيارة، اضطر الفريق لتطوير نظام الهايبرِد في نفس الوقت، والذي كان لا يزال في مرحلة البحث آنذاك”.وعلى الرغم من أن التحدي كان يبدو مستحيلاً، إلا أن أعضاء الفريق كانوا يشعرون بالثقة وبقدرٍ بالغٍ من الالتزام للوفاء بالموعد النهائي. وقد كانت جهودهم مكرسة تماماً لإنجاز مهمتهم المتمثلة في ابتكار هذه التقنية الجديدة. ويمكنك أن تتخيل مدى الرضى الذي شعروا به عندما انطلقت من خط الإنتاج أول سيارة “هايبرِد” يتم إنتاجها على نطاق واسع في العالم، وكان ذلك في شهر ديسمبر من عام 1997، إذ كانوا يدركون أن القرن المقبل هو مخصص لهذه السيارة.